سالم مشكور
“البعثيون يستخدمون داعش. إنهم لا يهتمون بالبعث ..إنهم لا يريدون سوى السلطة وقد اعتادوا على أن يكونوا في السلطة ويريدون العودة إليها”. هكذا يلخّص تقرير أميركي العلاقة بين “داعش” والبعث. يقول التقرير الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” مؤخراً إن عددا كبيرا من ضباط الجيش وأجهزة الامن في عهد صدام يشكلون عماد تنظيم “داعش” الذي نشأَ في سوريا أولاً وتوسّع بفعل هؤلاء الضباط العراقيين الذي تمرسوا، خلال “الحملة الايمانية ” التي أطلقها صدام عام 1994 على تلبس لباس الدين رغم عدم إيمانهم به. هؤلاء يلبسون اليوم ثوب التدين ويمارسون نفس ما كانوا يمارسونه في ظل صدام من جرائم وحشية منقطعة النظير، وهو ما حفلت به التسجيلات التي كانت أجهزة النظام السابق تحرص على تسريبها بهدف إشاعة الرعب بين المواطنين. هي ذاتها التي تبدو ممارسة داعشية مشفوعة بالتكبير والآيات القرانية والاحاديث الموضوعة التي أريد منها، منذ الوضع، أن تشوّه صورة الاسلام. يحاول البعض أن يثبت بأن سياسة اجتثاث البعث كانت وراء لجوء هؤلاء الى أحضان “داعش”. حجّةٌ يصعب أن تجد طريقها الى التصديق، ومنطق عجيب يعتمده هؤلاء الذين يبررون الفعل بأقبح منه، رغم أن الارقام الرسمية التي فشلت الجهات المعنية في تسويقها إعلاميا تقول ان نصف أعضاء الجيش السابق أعيدوا الى الخدمة فيما أحيل النصف الآخر الى التقاعد وهم يستلمون الآن رواتبهم، كثيرون منهم في عمان واليمن وغيرها والباقون منخرطون في “داعش” وغيرها من التنظيمات الارهابية. يقولون ان الصحوات نجحت في محاربة القاعدة لكن الحكومة العراقية تنصلت منها فعاد أفرادها الى تلك التنظيمات. لا أدري كيف كان التنصل وموازنة كل عام تتضمن تخصيص مليارات الدنانير كرواتب للصحوات؟. ثم ما قول هؤلاء فيمن يتم القبض عليهم ضمن “داعش” فيما أسماؤهم مسجلة ضمن المستمرين في الخدمة ضمن الصحوات؟ ماذا عن الذين تم استيعابهم في مؤسسات الدولة؟.
استخدام ضباط القمع العراقيين السابقين لـ”داعش” من أجل العودة الى السلطة يرافقه ضغط يمارسه الجناح السياسي (غير المعلن) لداعش والذي يشكل جانبا من الحكومة والبرلمان والمواقع العليا في الدولة. خطاب بعضهم لا يختلف عن خطاب “داعش”، وآخرون يستخدمون خطابا أكثر نعومة لكنه لا يختلف في المضمون عن سابقه. المؤدى واحد وهو يصب في استعادة السلطة. هكذا يتضح مما يسمونه “المطاليب الحقة” التي يصب أغلبها في هذا الهدف، وشعارات أدت بسكان محافظاتهم الى المخيمات في مشاهد إنسانية مؤلمة دون أن يكلفوا أنفسهم عناء حتى زيارتهم فضلا عن انفاق ولو جزء من الاموال التي كشفت ويكيليكس استلامهم لها من دول مجاورة.
إذا كان هؤلاء يستخدمون “داعش” لاستعادة السلطة، فان “داعش” ومن وراءها من الجهات الدولية، تستخدم حلم هؤلاء المريض وسيلة لإشاعة الخوف والبطش مستفيدة من خبرتهم السابقة. استخدام متبادل أشعل ناراً وقودها أهلهم ومدنهم وبالتالي وطنهم ككل.
نشر: أحلام جداح











