محمد عبد الجبار الشبوط
لا يمكن مقارنة معركتنا مع "داعش" وأخواتها بالحرب التي شنها النظام المقبور واستمرت 8 سنوات، وعرفت بالحرب العراقية الإيرانية. أطلق صدام حسين على تلك الحرب اسم القادسية الثانية، إحالة الى فجر التاريخ الإسلامي وربطا لحربه تلك بالفتوحات الإسلامية التي يتذكرها المسلمون بكل إجلال واحترام.
معركتنا اليوم مع "داعش" دفاعية. "داعش" تشن حرب إبادة على العراقيين الذين لا يوافقونها الرأي، سياسيا أو دينيا أو مذهبيا أو فقهيا، وهذا يشمل المسلمين من السنة والشيعة، كما يشمل المسيحيين، ويشمل العرب والكرد والتركمان، وغيرهم. "داعش" تشن حربا على من تسميه العدو القريب، لأن فقهها الذي يعود الى القرون الوسطى يقول ان مقاتلة العدو القريب أولى من مقاتلة العدو البعيد. والبعد والقرب هنا جغرافيان.
الحرب التي تشنها "داعش" فتنة داخلية تحركها أصابع وأموال خارجية. واذا كانت "داعش" تتوقع من وراء هذه الحرب العدوانية تحقيق هدفها المتمثل بالتمكين الموضعي مهما صغرت المساحة الجغرافية حتى لو أدى ذلك الى تقسيم العراق، فان الأصابع والأموال الخارجية تستهدف إسقاط العملية السياسية برمتها وإفشال التجربة الديمقراطية، وإشغال العراق لكي يبقى دولة ضعيفة في المنطقة العربية.
حرب "داعش" ليست حربا أهلية طائفية، حتى الآن على الاقل، فهي ليست بين السنة والشيعة، فـ "داعش" في هذا السياق لا تمثل السنة، وإن كانت تريد احتكار تمثيلهم والانفراد بقرارهم. اليوم تقاتل العشائر العربية السنية الأبية إرهابيي "داعش" في الأنبار وغيرها ساحبة البساط من "داعش" التي أمر زعيمها إرهابييه بالهرب بعد أن ضاقت عليهم الأرض العراقية بما رحبت. واليوم يقود هذه الحرب ضد "داعش" مسؤولون وعلى رأسهم وزير الدفاع الشهم الأخ سعدون الدليمي.
حربنا مع "داعش" ليست قادسية ثانية ولا ثالثة والمقارنة لا تصح، فهي ليست فتحا لأرض غير مسلمة، وليست حربا دينية، وإنما هي حرب وطنية تستهدف القضاء على الفتنة ورأسها المزروعة في الأرض العراقية. لا تشن بغداد حربا ضد الأنبار، ولا يحارب الشيعة السنة فيها، ولا تقوم القوات المسلحة فيها بقمع تمرد داخلي.
الذين يتعسفون بالمقارنة يريدون التهرب من الكشف عن موقفهم في وضع لا يصح فيه الحياد أو الصمت، فأنت إما أن تكون مع الشعب أو ضده، مع الوطن أو ضده، مع الدولة أو ضدها، مع العراق أو مع "داعش". وبعض الذين يمنعهم هذا السبب أو ذاك من اتخاذ الموقف الوطني الصريح يريدون إجبار الناس على تذكر القادسية الثانية بكل شؤمها وذكرياتها المريرة وإسقاط هذه الذكريات على هذه الصفحة من القتال الوطني الشريف الذي يستهدف حماية الشعب والدولة والوطن.
ن: أح