محمد عبد الجبار الشبوط
لم تحقق انتفاضة الشعب العراقي في شهر اذار (شعبان) من العام 1991 هدفها بتحرير الشعب العراقي من نير النظام الدكتاتوري البعثي الصدامي، رغم انها نجحت في تحرير نحو 14 محافظة من محافظات البلاد الـ 18. وبتنا كلنا نعرف اسباب الاخفاق في ذلك. وفي مقدمة هذه الاسباب الموقف الاقليمي - الدولي المضاد للانتفاضة واهدافها المشروعة. كان اول من اطلق على الثوار صفة "الغوغاء" مسؤول امني كبير في دولة عربية ذات تأثير في قرارات الولايات المتحدة الاميركية.
لكن الانتفاضة المجيدة بقيت في ذاكرة الشعب العراقي الذي يحفظ ايضا مقولة الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر من ان "الجماهير قد تستكين، لكنها لا تستسلم".
هذه الجماهير، وبدعم دولي هذه المرة، هي التي جعلت ما كانت الانتفاضة تتطلع الى تحقيقه ممكنا في العام 2003، فقد اسفرت حرب تحرير العراق عن اسقاط النظام الدكتاتوري واطلاق عملية اقامة الدولة الديمقراطية المدنية، من خلال عملية سياسية معقدة شابها الكثير، بلا شك، من عيوب التأسيس واخطاء الممارسة والخلل في الانجاز.
اليوم ينعم العراق بما كان الصداميون قد حرموه منه طيلة 35 عاما، وذلك هو الحرية. فالعراقيون اليوم احرار في الكلام والعمل والسفر والاحتجاج والتأييد وتشكيل الاحزاب والجمعيات وغير ذلك. صار العراقيون لأول مرة خلال 35 سنة يتمتعون بالحريات السياسية والاعلامية بصورة تكاد تكون كاملة.
نحتفل كل عام بذكرى "الانتفاضة الشعبانية" وهذا تقليد جيد ينم عن الوفاء، وافضل وفاء للانتفاضة هو صيانة مكسب الحرية الذي حققناه بعد 12 سنة من اندلاعها. يوجد اليوم من يريد ان يعيد عقارب الساعة الى الوراء، واعادة انتاج النير البعثي الصدامي بطبعة جديدة. من حاربناهم طيلة 35 عاما من اجل الحرية، هم الذين يحاربوننا اليوم من اجل اعادة عقارب الساعة الى الوراء.
خطر الارتداد مازال قائما، رغم كل الانجازات، لأن العدو ما زال ناشطا، باسم داعش او غير داعش، فالعدو واحد، والثمن المراد منا دفعه واحد، وهو حريتنا. على جبهة الاحرار ان تتماسك، وتحذر، وتتوحد، ستراتيجيا على الاقل، لتفويت الفرصة على خصومنا التاريخيين، اعداء الحرية والتقدم والانسان.
ن: أح