محمد عبد الجبار الشبوط
تكاد تكون عبارة «الهيئات المستقلة» نكتة في هذه الديمقراطية العراقية الفريدة. الدستور العراقي يفرد فصلا كاملا، هو الفصل الرابع، لما يسميه «الهيئات المستقلة».
سبع مواد في الدستور تحدثت عن هذه الهيئات، وذكرتها بالاسم، وهي:
1.المفوضية العليا لحقوق الانسان.
2. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
3.هيئة النزاهة.
4. البنك المركزي.
5. ديوان الرقابة المالية
6.هيئة الاعلام والاتصالات (وهي غير شبكة الاعلام العراقي)
7.دواوين الاوقاف.
7.مؤسسة الشهداء.
8. الهيئة العامة لحقوق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة باقليم.
9.الهيئة العامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية.
10. مجلس الخدمة العامة.
فيما تشير المادة 108 الى جواز استحداث «هيئات مستقلة» اخرى حسب الحاجة والضرورة بقانون.
اوضح الدستور ان بعض هذه الهيئات يرتبط بمجلس الوزراء، ويخضع بعضها الاخر لرقابة مجلس النواب. واوضحت المحكمة الاتحادية مرجعية كل من هذه الهيئات، سواء الى مجلس النواب أو الى مجلس الوزراء، في فتوى مشهورة.من بين كل هذه الهيئات المنصوص عليها انفردت مفوضية الانتخابات بكلمة «المستقلة» في اسمها، لأهمية استقلالها وعدم خضوعها لأية جهة ضمانا لنزاهة وشفافية وعدالة وحرية الانتخابات.بعض سلطات هذا البلد يصعب عليها ان تفهم معنى «الاستقلالية» ولا تستوعب امكانية ان تعمل هذه الهيئات بعيدا عن سطوتها وهيمنتها. وتعمد بين الفترة والاخرى الى اتخاذ قرارات واجراءات بحق الهيئات المستقلة من اجل الضغط عليها وتسييرها وفقا لمشيئتها، الامر الذي يفقد الاستقلالية اي مضمون حقيقي وجوهري.
ما تعرضت له الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مؤخرا من ضغوط مجرد مثال على سوء الفهم، وربما سوء النية لدى البعض ازاء هذه الهيئات المستقلة، الامر الذي دفع مجلس المفوضين الى الاستقالة احتجاجا.
وقبل حوالي 10 ايام اتخذ رئيس مجلس النواب قرارا ينم عن عدم احترام الاستقلالية بحق شبكة الاعلام العراقي.ثمة تنازع خطير على الصلاحيات والنفوذ بين السلطات في هذا البلد، وهو تنازع يضر كثيرا بالمضمون الجوهري الديمقراطي للعملية السياسية في البلد؛ انه يعرض مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على اساس الديمقراطية الى خطر كبير قد يؤدي الى اجهاض المشروع الديمقراطي برمته.قد يؤدي هذا الصراع الى اعادة انتاج الدكتاتورية بحلة جديدة واسماء جديدة، ولا بد من وقفة صارمة وشجاعة ضد هذا التوجه لحماية العملية الديمقراطية من الانهيار.واذا كان الشعب العراقي يريد شيئا ما، فانه بالتأكيد يريد العيش في ظل ديمقراطية حقة، وليست ديمقراطية شكلية زائفة قابلة للانتهاك والارتداد.
ن: أح