أمستردام/ المركز الخبري لشبكة الأعلام العراقي (IMN)– لم يكن الوصول إلى ألمانيا، نهاية المطاف للرحلة الطويلة التي شرع بها خالد الياسري (30 سنة) منذ بداية العام الجاري، فما ان شرع في إجراءات اللجوء الرسمية حتى استسلم للقدر المحتوم وهو الانتظار لسنوات حتى تُحسم قضيته في طلب اللجوء.
وعلى الرغم من إن ألمانيا لم تكن وجهة الياسري، حين أجبرته القوانين وظروف الرحلة على البقاء فيها، فانه يسعى إلى القبول بالأمر الواقع، وتهيئة نفسه للمستقبل في هذا البلد مادياً ومعنوياً.
أما حليم كامل (29 سنة) الذي تنفس الصعداء، حينما وصل إلى العاصمة البلجيكية بروكسل عبر رحلة تهريب شاقة ومكلفة، فيقول لــ(IMN)، "انه كان والياسري في رحلة واحدة، لكن ظروف الرحلة حالت دون وصولهما سوية".
والوصول الى الحلم الأوربي، هدف يسعى إليه البعض، وهو أسهل بكثير من رحلة النزوح البعيدة الى بلدان، مثل استراليا والولايات المتحدة.
فمقابل مبالغ تتراوح بين العشرة آلاف، إلى الخمسة عشر ألف دولار، يستقل عراقيون ومهاجرون من بلدان أخرى، رحلات المصير المجهول في الكثير من الأحيان.
ويصف الياسري لــ(IMN)، رحلته عبر تركيا الى أوكرانيا، ودول أوربا الشرقية، عبر السيارة، والمسير عبر الغابات، لأسابيع وأيّام، حتى وصوله إلى الأراضي الألمانية ليستقر به المقام في مركز استقبال اللاجئين بعد خضوعه للتحقيق وجلسات المعلومات، والفحص الطبي.
و الياسري من القلائل المحظوظين، الذين اكتسبوا صفة اللجوء، حيث سيمكنه ذلك من استدعاء عائلته المؤلفة من الزوجة وأربعة أطفال يقيمون في بغداد في الوقت الحاضر.
وعلى رغم ان هجرة العراقيين إلى الخارج انحسرت إلى حد كبير الا ان هناك من يسعى الى الهجرة، لاسيما الشباب.
ويقول الباحث الاجتماعي وليد زكي، المقيم في بلجيكا، لــ(IMN)، إن "أغلب دواعي الهجرة من العراق تتعلق بالأمن والبطالة، بحسب المعلومات التي يستقيها من اللاجئين العراقيين، الذين يؤكدون إن السبب الاقتصادي للهجرة اختفى تماماً بسبب زيادة الدخل في العراق، كما اختفى عامل الاضطهاد السياسي أيضا".
ويتعر ض المهاجرون في بعض الأحيان، الى النصب والاحتيال في رحلة الهجرة، ما يربك خططهم ويضيّع عليهم الأموال التي رصدوها لتحقيق حلم الوصول إلى المنافي الأوربية.
ويروي سعيد حسين (27 سنة) الذي وصل الى هولندا في أيلول الماضي لــ(IMN)، ان "رحلته الأولى إلى جزيرة كرسميس التي تبعد عن اندونيسيا 300 كيلو متر، آلت إلى فشل ذريع بعدما ألقت الشرطة الاندونيسية القبض على عصابة التهريب وجميع النازحين الذي تكفلوا بإيصالهم إلى استراليا".
ويتابع القول "أضرت إلى العودة إلى العراق، ثم قررت السفر من جديد إلى أوربا ونجحت في ذلك".
ولم تخل رحلة الموت التي عصفت بنحو 700 من طالبي اللجوء معظمهم من سوريا، من العراقيين حيث جنح بهم المركب في مياه السواحل الجنوبية الايطالية عند جزيرة لامبيدوزا، في 26 أكتوبر الجاري بحسب الناشط العراقي في قضايا الهجرة احمد الطائي في حديثه لــ(IMN).
وكان قادة الاتحاد الأوروبي تعهدوا الشهر الجاري، معالجة ملف الهجرة السرية الشائك في البحر المتوسط، بعد ثلاثة أسابيع من مأساة لامبيدوزا إلا أنهم أحالوا عملية اتخاذ القرار إلى حزيران 2014 بعد الانتخابات الأوروبية.
ومازالت أوروبا مقصداً رئيسياً لطالبي اللجوء، لسهولة الوصول إليها براً أو بحرا، لتصبح قبلة الفارين من مناطق الصراعات في الشرق الأوسط أو أفريقيا.
ويتوجب على النازح إقناع السلطات الأوربية بأن عودته إلى بلده الأصلي تشكل خطراً جدياً على حياته، لكي يتمكن من الحصول على صفة لاجئ.
ويسترسل الطائي "السويد والنرويج وبلجيكا في الوقت الحاضر مقصد الكثير من النازحين، تأتي بعدها ألمانيا التي تمثل نحو 25 في المائة من طلبات اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي".
ويقول الإعلامي مهند جواد في بغداد لــ(IMN)، بشأن هجرة النخب العراقية، ان "هناك من يشعر بان الجهات المسؤولة غير مهتمة به، إضافة إلى البطالة حتى بين الكفاءات والخريجين، وبسبب الأوضاع الأمنية فان المغتربين العراقيين الذي يزورون بلدهم يضطرون إلى العودة إلى المهجر من دون الاستقرار فيه".
وفي نفس الوقت، يؤكد الباحث الاجتماعي العراقي المقيم في بلجيكا عادل اللامي لــ(IMN)، ان "السلطات الأوربية التي تعاني من مشاكل ديموغرافية تتمثل في انحسار الولادات الجديدة وارتفاع معدلات الشيخوخة، تستثمر قضية اللاجئين لتوازن مصالحها الخاصة".
وتقول الإحصاءات الرسمية الهولندية ان نحو 1200 نازح عراقي يقيمون في أراضيها لا يحملون تصاريح الإقامة وينتظرهم مغادرة هولندا بشكل طوعي.
وقبل العام 2003، كان للعامل السياسي الدور الرئيس في الهجرة العراقية، الا ان الباحثة الاجتماعية وسن الجبوري في هولندا تؤكد لــ(IMN)، ان "الشباب العراقيين القادمين إلى هولندا يرجعون اسباب هجرتهم الى عوامل أمنية، في حين كان السبب الرئيس قبل 2003، اضطهاد نظام صدام الاستبدادي المباد".
وتتابع "يمكنني القول ان اغلب طالبي اللجوء العراقيين من الشباب والفتيان المغامرين".
ويبلغ عدد العراقيين المقيمين في هولندا نحو خمسين الف نسمة بحسب احصائيات هولندية العام 2011، فيما تشير معطيات مكتب الإحصاء المركزي الهولندي (CBS) إلى انخفاض أعداد اللاجئين بنسبة 13% مقارنة بالأعوام السابقة.
من: عدنان أبو زيد، تح: ل م ، ن : أح